آخر القصص
recent

عن الابتسامة السورية

 

حسام الزير


عند الساعة السابعة والنصف، تتحضّر نسرين (اسم مستعار)، إلى موعد جديد مع العمل، طعام بسيط، ثياب نظيفة، حقيبتها على كتفها، ابنها ذو السبع سنوات يبقى في المنزل، كل شيء على ما يرام، الموعد الآن للانطلاق.

ابني وحيد في المنزل

منذ عام وحياة نسرين تبدو هكذا، الوقت كان كفيلاً بجعل كل شيء طبيعي بالنسبة لها، طفل وحيد في المنزل، هي في عملها، لا يدفع هذا الوضع الإنسان إلا للقلق "هل يمكن أن يفتح موقد الغاز؟! أن ينساه مثلاً؟! أن يطرق الباب أحدا ما ويحدث شيء للطفل؟!، يُخطف مثلاً؟!".

الاحتمالات مفتوحة، ومعظمها سيء، لكن بالنسبة لنسرين هذا هو الخيار الوحيد لجرح يحتاج إلى الكي، تحتاج وطفلها إلى مورد إعالة، حتى لو كان الثمن شعور مزمن بالقلق لما قد يحدث لابنها.

"عند الساعة 12 يأتي باص مدرسته، يلبس وينزل وحده، يتصل سائق الباص، حينها أطمئن أن إبراهيم (اسم مستعار) مازال سليماً" تشرح نسرين الموقف.

تتصادف عودة نسرين مع إبراهيم عند المساء، أخيراً تلتقي الأم وابنها، الابن كَبر سريعاً ليصبح مسؤولاً عن نفسه، والأم حنى ظهرها القلق.

ألم أطفالي أقوى من "الديسك"

تتغلّف حياة السوريين والسوريات في تركيا بالوجوه الجميلة، اعتاد الغالبية على تخبئة الجروح والندوب خلف الابتسامة، نسرين ابتسمت قبل أن تحكي، أبو مروان كذلك.

يخفي هذا الرجل، ألماً في الظهر، لشاب في عمره، الديسك كان غير متوقّع، لكن بالنظر إلى عمله في تجارة الجملة كل شيء وارد.

بضاعة كثيرة، بعضها ثقيل، ووقت عمل طويل، سيرسل الجسد علامات إنذار، يبدو أن أبو مروان لم يستجب لأياً منها إلا متأخراً.

الآن عليه أن يعمل بحذر شديد، أكثر من أي وقت مضى، لكن كيف سيكون حذراً مع جروح القلب.

"التعب الأكبر من الانفصال عن أم أولادي، ثم المعاناة في رؤية أولادي، حياتي كانت مستقرّة، الآن كل شيء تراجع، صحتي، عملي، ومستقبل عائلتي".

منبوذة لا أشعر بالدفء

الآن، راقب الناس في الشارع، راقب المبتسمين، ربما عليك أن تسأل نفسك، أي منها حقيقية، وأي منها سورية.

في بداية الشارع، تبتسم رهام (اسم مستعار)، سيدة فقدت شقيقها، وتعيش مع والدتها وزوجته الجديدة، منفصلة عن زوجها، مجبرة على البقاء في هذا المنزل.

المشكلة أن والدها يعاني وضعاً صحياً خاصاً، وزوجته في كل يوم تزداد رغبتها في فتح باب المنزل وطردها لو أمكن، ترسل بشكل مستمر تلميحات مزعجة، قدر رهام أن تتلقى سهام التلميحات وتبقى صامدة أمام طفلتها.

بدأت العمل مؤخراً كمستخدمة، تلملم بقايا ألمها بشكل يبدو كما لو أنها تلملم الأكياس والمناديل المتسخة، ليس هنالك متّسع للألم والحزن، هنالك متسع فقط لابتسامة.




الحكاية

الحكاية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

hussam. يتم التشغيل بواسطة Blogger.